وعلى الرغم من تواضع كاسياس، وادعائه بأن التصدي لركلة الجزاء أمر “عرضي”، إلا أنه حقق بهذه المناسبة إنجازاً تاريخياً غير مسبوق، حيث أصبح أول حارس مرمى يتمكن من صد ركلتي جزاء في دورتين مختلفتين من نهائيات كأس العالم، بعدما تصدى لركلة جزاء ضد جمهورية إيرلندا في ثمن نهائي مونديال كوريا الجنوبية واليابان 2002. لم تتوقف براعة كاسياس عند هذا الحد، بل أنقذ مرماه من هدف التعادل في مناسبتين في مدى ثانيتين بردة فعل رائعة حيث تصدى في الوهلة الأولى لتسديدة قوية لمهاجم بوروسيا دورتموند الألماني لوكاس باريوس من داخل المنطقة فارتدت منه إلى مهاجم مانشستر سيتي الإنجليزي روكي سانتا كروز غير المراقب داخل المنطقة فأطلقها قوية بيمناه لكن شجاعة كاسياس كانت أقوى وأبعد الكرة بقدمه اليمنى إلى ركنية (88). وأضاف كاسياس “كانت المباراة صعبة جداً لكن ذلك كان طبيعياً لأننا كنا نخوض الدور ربع النهائي، أعتقد أنه كان بإمكاننا اللعب بطريقة أفضل لكن الأهم في النهاية هو أننا تأهلنا إلى دور الأربعة”.
وأشاد مهاجم ليفربول فرناندو توريس بكاسياس قائلاً “نملك لاعبين من الطراز الرفيع في جميع الخطوط، لكن هذا اليوم هو يوم كاسياس بلا منازع، ولا شك أنه يستحق كل الإشادة والتنويه”، وحذا حذوه المدافع كارلوس مارشينا، بديل كارليس بويول في أواخر الشوط الثاني، وقال: “لدينا الثقة التامة في كاسياس، لأنه حارس ممتاز، وقد أثبت هذا الأمر مجدداً في مباراة الباراجواي”. من جهته، أكد هداف “فوريا روخا” أن كاسياس كان سداً منيعاً كعادته، وقال “لقد أنقذنا كثيراً وسينقذنا في المستقبل”، فيما قال مدافع برشلونة جيرار بيكيه الذي تسبب بركلة الجزاء إثر إعاقته كاردوزو داخل المنطقة: “يمكن الاعتماد على إيكر دائماً كما أن اللعب بجواره شرف عظيم”.
أما إندريس إنييستا صانع هدف الفوز فقال “لطالما قدم لنا إيكر يد العون عندما نكون في الحاجة إليه”، أسكت كاسياس منتقديه الذين لم يرحموه منذ مسؤوليته في الهدف الذي خسرت به إسبانيا المباراة الأولى أمام سويسرا موجهين الاتهام إلى صديقته المعلقة في التلفزيون الإسباني التي شتت تركيزه بوجودها في الملعب وأخذها تصريحات منه خلال فترة الإحماء، لم يعر كاسياس الذي دخل مرماه هدفان فقط حتى الآن (هدف تشيلي 1 - 2 في ثمن النهائي) أي اهتمام للانتقادات وواصل تركيزه وإبداعه في المباريات على غرار مسيرته مع فوريا روخا في كأس أوروبا عام 2008 عندما ساهم بقيادته إلى إحراز اللقب واختير أفضل حارس مرمى في البطولة، وكذلك صفوف ناديه الملكي الذي نشأ في صفوفه وخاض معه حتى الآن 518 مباراة منذ 1999، حيث يعتبر أكثر حارس مرمى خوضاً للمباريات في تاريخ ريال مدريد وهو توج معه خلالها بلقب مسابقة دوري أبطال أوروبا مرتين عامي 2000 و2002 والكأس السوبر الأوروبية عام 2002 والكأس القارية “انتركونتيننتال” عام 2002 والدوري المحلي أعوام 2001 و2003 و2007 و2008 والكأس السوبر المحلية أعوام 2001 و2003 و2008 وكأس سانتياجو برنابيو أعوام 2000 و2003 و2005 و2006 و2007 و2008 واعتبر كاسياس أن الفوز على الباراجواي سيفتح صفحة جديدة للكرة الإسبانية التي لم تحقق أي إنجاز على الصعيد العالمي. وكانت أفضل نتيجة حققتها إسبانيا حلولها رابعة في مونديال 1950 في البرازيل، وهي فشلت في إحراز اللقب العالمي حتى في البطولة التي استضافتها عام 1982 وأمل كاسياس أن يضع منتخب بلاده حداً لنحس لازمه 60 عاماً وقال في هذا الصدد: “نحن أمة عريقة في كرة القدم، لكن لأسباب مختلفة لم يحالفنا الحظ على الصعيد العالمي”. وأضاف “في بعض الأحيان لم نكن محظوظين بقرارات التحكيم” في إشارة إلى خروج منتخب إسبانيا على يد كوريا الجنوبية في ربع نهائي نسخة 2002 عندما سجل المنتخب الإسباني هدفاً صحيحاً لم يحتسبه الحكم المصري جمال الغندور، بعد استشارة حامل الراية، لأنه اعتبر أن الكرة التي جاء منها الهدف الإسباني كانت اجتازت خط الملعب قبل أن يمررها أحد اللاعبين. وخرجت إسبانيا في تلك المباراة بركلات الترجيح بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي.
وتابع “يبدو أن سوء الحظ يلازم المنتخب الإسباني في المحافل الدولية، لكن علينا أن نضع حداً لهذا النحس الذي لازمنا طويلاً ونتأهل إلى النهائي ونلعب بمستوانا الحقيقي”.وأوضح “لطالما خضنا نهائيات كأس العالم من أجل أن نحقق شيئاً وليس فقط لمجرد المشاركة، وآمل أن تكون مشاركتنا الحالية ناجحة بجميع المقاييس”.