نقلاً عن
نادي المال والاعمال - سورية :  إن التصوف لغة (كتاب المعجم المدرسي): طريقة سلوكية قوامها التقشف والتحلي بالفضائل لتزكو النفس وتسمو الروح، والمتصوف كما أراه ينظر إلى الكون نظرة جمال وتناغم بدءاً من الذرة وانتهاء بالمجرة

ومابعد المجرة ليعيش حياة سعيدة يتناغم بها مع أخية الإنسان، فإذا فهمنا هذا التناغم سعدنا وأسعدنا من كان معنا إذا احترم إنسانيته وحافظ على القيم التي أقرّ بها المجتمع.‏

هذا مابدأ به السيد فرحان الكسم محاضرته (التصوف عند د. ندرة اليازجي) بمشاركة السيد أنس تللو وذلك في المركز الثقافي العربي في «أبو رمانة» حيث قال: السعادة لاتكون إلا عندما تشعر بالآخرين وتعترف بهم وتُدخل السعادة والفرح إليهم، وقد لاتكون السعادة أن تصل إلى قمة السعادة ولكن السعادة أن تسير في طريق السعادة وليست السعادة مع الآخر في إعطائه مايريد ولكن السعادة أن نرشده إلى الطريق السديد عن طريق العلم والوعي.‏

إن موضوعنا اليوم كبير جداً ولا أستطيع أن أتكلم عن التصوف عند د. ندرة اليازجي هذا الرجل الذي أتعب من خلفه، وكيف أستطيع أن أتكلم وأعطي حق رجل قرأ أكثر من أربعة آلاف كتاب والأهم من ذلك أنه تخلق بأحسن ماقرأ وصحح لنا ماشذ عن التصوف فهو يفرق بين العزلة والانعزال، فاليازجي ليس متصوفاً منعزلاً عن الناس ولايحب الأضواء لأنها تصرفه عن الحكمة.‏

وبما أنني تكلمت في أكثر من مرة عن التناغم بين الزوجين أستطيع أن أضرب مثلاً عن العلاقة الرائعة والتناغم بين اليازجي وزوجته، فمن الدائرة الصغيرة (دائرة الأسرة) ينطلق اليازجي إلى أكبر دائرة في المجتمع الإنساني دائرة إنسانية الإنسان أياً كان وهو الذي وصل إلى ثقافة التسامح حين قال:‏

عندما دخلت إلى عمق كياني باحثاً عن حقيقة مبدئي وأصالة رأي ومعتقدي، وجدت تنوعاً من الآراء ووجهات النظر تماماً، كما وجدت وحدة إنسانية شاملة، أدركت أن عقلي تأليف لثقافات عديدة متنوعة شكلت كياني وكونت شخصيتي، أدركت أنني أمثل ثقافة إنسانية متنوعة في ظاهرها ومتكاملة في باطنها.‏

وبعد تأمل عقلي واعٍٍ بدراسة مناهج وجهات النظر المختلفة أدركت أن الانتماء المتطرف والمنفعل يحتمل ألا يساعدني على تبني ثقافة إيجابية منفتحة إزاء الآخر ومن القرار الذي اتخذته أصبحت صديقاً مخلصاً ومحباً ومتفهماً لجميع التيارات الثقافية والعقائدية والحضارية وها نحن نرحب اليوم بالصديق الودود والمحب لكل الناس.‏

لقد استطاع اليازجي كما تكلم عنه الأستاذ موسى الخوري أن يجمع من خلال قراءته زهرة من كل حكيم لتكون باقة أزهار هي المفكر اليازجي.‏

أما السيد أنس تللو فقد قدم مداخلة عبر فيها قائلاً: عندما كنت أقرأ في كتب اليازجي أشتم عبق معجزات حقيقية، وأحس كأن عقلي الصغير يعجز عن إدراك تلك المعاني العميقة حتى إذا ماتعمقت في القراءة والتمعن ينشرح صدري وتحضر المعاني إلى نفسي فلقد أحسست أنه يعبر عن معانٍ طالما حاولت أن أجد لها كلمات وتركيبات لغوية فلم أفلح ولم أجد..‏

بداية دخلت معه في دوامة عندما قال: إنه يفضل العيش في سكون الريف بين الينابيع والأشجار والغابات، فذكرني بالشاعر جبران إذ يقول: أعطني الناي وغني وللحق أقول، ذكرتني صوفية د. ندرة اليازجي بصوفية الشعراء الفلاسفة الكبار من أمثال حافظ شيرازي وعمر بن الفارض.‏

وصرت بفقري المليك الفخور‏

وفاخرت بالفقر أهل الغرور‏

ومازلت في حيرة إلى أن قرأت كلام د. اليازجي إذ يقول:‏

مازلت أتعرض للإرهاق.. مع التضحية والحل الممتع لهذه الحيرة يلخصة د. اليازجي بالقول: عندما حققت تصوفي.. لأن الحياة تسمو على المعيشة وفي الختام أود أن أقول للدكتور ندرة اليازجي:‏

يافاتناً لولاه مامسني وجود‏

ولاطعم الهوى طاب لي‏

هذا فؤادي فامتلك أمره‏

واظلمه إن أحببت أو فاعدل