نقلاً عن
نادي المال والاعمال - السعودية : تخطط الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل إلى دراسة المعايير الشرعية للتثمين العقاري وجمع المسائل الفقهية المتعلقة بها، وذلك من المواضع المتفرقة في كتب الفقه ونحوها ودراستها دراسة فقهية مقارنة، وكان مختصون من جهات مختلفة قد عمدوا الأسبوع الماضي إلى دراسة المشروع والذي حمل عنوان ''المعايير الشرعية للتثمين العقاري''، وذلك من خلال حلقة نقاش التثمين العقاري التي عقدت في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقدم خلالها الدكتور أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الورقة العلمية الخاصة بالمشروع، حيث أوضح أن عناصر الخطة تتضمن بيان حقيقة التثمين العقاري وحجيته، وأغراض التثمين العقاري، ومهنة التثمين وشروط المثمن، ومعرفة الحكم عند اختلاف المثمنين، وذكر مبطلات التثمين العقاري، كما يشمل الموضوع دراسة الآثار الاقتصادية للتثمين العقاري، وبيان الأساليب المعاصرة للتثمين العقاري، وعمل دراسة للتطبيقات المعاصرة للتثمين العقاري، والخروج بتنظيم للتثمين العقاري في السعودية.
جمع المسائل الفقهية الخاصة بالتثمين
يقول الخضيري أن الخطة تستهدف جمع المسائل الفقهية المتعلقة بالتثمين العقاري من مواضعها المتفرقة في كتب الفقه ونحوها ودراستها دراسة فقهية مقارنة، حيث أوضح أن الفقهاء كانوا في الماضي يستخدمون مصطلح التقويم ويريدون به ما يعرف في الوقت الحاضر بالتثمين، وكان كلامهم مختصرا ومفرقا في أبواب الفقه، إذ إنهم لم يخصوا مقوم العقار بالذكر بل تكلموا عن المقوم على سبيل العموم في مواضع متفرقة: كزكاة عروض التجارة، وجزاء قتل الصيد حال الإحرام، وعيوب المبيع، وأجرة المثل، والجوائح، وتقويم المغصوب، والمتلفات، والقسمة، وتقويم المسروق، وغيرها، وهذا يحتاج ــــ كما قال ــــ إلى القيام بجمع ما تفرق مما له علاقة بتقويم العقار في موضع واحد ليسهل الاطلاع عليه والرجوع إليه من قبل المهتمين.
كما أوضح أن الخطة تستهدف العناية بضبط المصطلحات الفقهية لهذا الموضوع ومقارنة ذلك بالمصطلحات الشائعة لدى المقومين والمثمنين في الوقت الحاضر، وأضاف أن الدراسة الفقهية للتثمين العقاري ستصاحب بدراسة اقتصادية تعمد إلى بيان ذكر الأهمية الاقتصادية للتثمين العقاري، وآثار التثمين العقاري الاقتصادية، وأغراض التثمين العقاري ووسائله المعاصرة، إضافة إلى العناية بالأنظمة ذات العلاقة بالتثمين العقاري، مثل نظام نزع الملكية، ونظام الرهن العقاري، ونظام التمويل العقاري، وجميع الجوانب النظامية للموضوع. وحصر وسائل التثمين المعمول بها في المملكة وبعض الدول العربية والإسلامية، وتقييمها من الناحية الشرعية والاقتصادية. وتضمين المشروع دراسة بعض النماذج التطبيقية لعدد من طرق التثمين الرائدة، والإفادة من تجارب الدول الحديثة التي لها ريادة في هذا المجال، والهيئات العالمية المختصة بالتثمين العقاري، وما وضعته من معايير وأسس.
تنظيم المهنة
أشار الخضيري إلى أن الدراسة تهدف أيضا إلى تنظيم مهنة التثمين العقاري في السعودية، حيث يمكن سن نظام يبين قواعد وآليات ممارسة هذه المهنة، وشروط من يزاولها بناء على أحكام الشريعة الإسلامية، كما يمكن اقتراح شروط ومواصفات محددة تستقى من نتيجة الدراسة يستفاد منها في منح رخصة ممارسة التثمين العقاري. وأضاف أنه يفضل صياغة مسائل وأحكام التثمين العقاري على شكل مواد بطريقة المعايير، كما هو الحال في معايير الرقابة على المصارف الإسلامية ونحوها، والقيام بما يلزم من التبويب والترتيب المناسب، وذلك لما في هذه الطريقة من التجديد والعصرية في التأليف مع سهولة الإفادة منها، من قبل الهيئات والأفراد. وكذلك إقامة حلقات نقاش، ورش عمل، أثناء إعداد المشروع، وقبل المسودة النهائية.
وفي السياق نفسه أشار الخضيري إلى أهمية المشروع النابع من أهمية العقار ومنزلته في مجال المعاملات والاستثمار، خاصة في الوقت المعاصر والذي شهد تزايدا في الاهتمام به وأصبح من أهم مجالات الاستثمار العالمية لما يتصف به من الأمان وقلة المخاطرة، وحيث التثمين العقاري أحد أهم محاور صناعة العقار، وذلك لارتباط كثير من التعاملات العقارية به.
وأضاف أنه وعلى الرغم من أن التثمين كان معروفا منذ القدم، إلا أن الحاجة إليه في الوقت الحاضر أضحت أكثر إلحاحا؛ نظرا لاتساع التعاملات العقارية، وما طرأ عليها من مستجدات كثيرة، ونشوء كثير من الصور والتطبيقات المعاصرة التي تستند إلى التثمين العقاري، وذلك كالتمويل والرهن العقاري الذي يعد من أهم مجالات الاستثمار لدى البنوك والمؤسسات المالية. كما أشار إلى حاجة القضاء إلى التثمين العقاري، لتحديد القيمة العادلة للعقار في مجالات كثيرة كما في دعاوى الشفعة، ونزع الملكية، والغبن في بيع العقار، وقسمة التركات، ودعاوى التعويض عن الأضرار اللاحقة بالعقارات، وتقدير أجرة الإنشاءات المنفذة على العقارات، وغيرها. وأوضح كذلك أن من الجوانب المهمة في التثمين العقاري هو الجانب المتعلق بمن يمارس عمل التثمين العقاري، وهو المعروف عند الفقهاء بالمقوم، فإن نجاح عملية التثمين وتحقيقها للأثر المطلوب يعتمد اعتمادا كبيرا على المقوم نفسه ومدى كفاءته وصلاحيته للقيام بعمل التثمين، ولهذا نجد ــــ يضيف ـــ أن كثيرا من الدول المتقدمة فطنت إلى هذا الأمر، وعنيت بأمر المقوم، فحددت معايير ومواصفات مهنية تشترط لمن يزاول مهنة التثمين العقاري، وسنت الأنظمة واللوائح التي تنظم هذا العمل، وأوجدت الهيئات الحكومية والأهلية التي تتولى الإشراف عليها، وتقوم بتأهيل من يزاول هذه المهنة قبل الترخيص له بممارستها. ولهذا تأتي أهمية دراسة التثمين العقاري؛ للمساهمة في إثراء هذا الموضوع المهم، وإبراز سبق الشريعة الإسلامية للأنظمة البشرية في ضبط عمل التثمين، وذكر شروط من يمارس مهنة التثمين، وخاصة مع قلة المادة العلمية في هذا الموضوع، وندرة الدراسات الفقهية حوله، فإن أغلب الدراسات في التثمين العقاري تدور حول الجوانب الإجرائية الفنية والمحاسبية.
وفي الإطار نفسه تعددت المداخلات من قبل المشاركين في الحلقة وقد تركزت معظمها حول المصطلح، حيث أشار عدد منهم إلى أن التثمين مصطلح فني متداول وليس مصطلحاً علمياً, وأن معناه الشرعي يختلف عن المعنى المتداول لدى الفنيين، فيما أشار البعض إلى أن مصطلح التقييم أو التقويم أصوب علمياً وعملياً من مصطلح التثمين، حيث طالبوا أن يكون التركيز على الجانب الفني أكثر وأن يختصر الجانب الفقهي ليسهل فهمه من قبل الفنيين المختصين، والتأكيد على وضوح المعايير الفنية والأخلاقية لمكافحة الاختلاس في طرق التثمين العقاري.