نقلا عن
نادى المال والاعمال- نيويورك - الموضه والجمال: يحتلّ إسم «كارتييه» اليوم مكانةً بارزةً بين الأسماء الرائدة في سوق منتجات الرفاهية، وموقعاً مميّزاً في قطاع المجوهرات والساعات. و تستمر هذه العلامة المميّزة في زيادة ثرواتها من المعرفة والخبرة من خلال أكثر من 200 نقطة بيع في القارات الخمس وبفضل إحدى أفضل شبكات التوزيع في العالم. أما وراء إسم «كارتييه» فتاريخ عريق تعدّى عمره الـ 150 عاماً أثمر قطعاً فنية نادرة تزيّن المعارض والمتاحف العالمية، وتصاميم متوفرة حالياً في متاجر «كارتييه»حول العالم بانتظار من يشتريها من هواة الترف والأناقة.
بدأت قصة «كارتييه» في عالم المجوهرات في العام 1847،عندما اشترى لويس فرانسوا كارتييه (1819-1904) ورشة لصياغة المجوهرات في 29 رومونتورغوي في باريس. كانت هذه الورشة ملكاً لأدولف بيكار، الرجل الذي علّم كارتييه حرفته. وفي عام 1853، إنتقل كارتييه إلى 5 رو نوف في بتي شان، ومن هناك بدأ بصياغة مجوهراته لعدد من الزبائن الخاصين. رحّب كارتييه بأول زبون أمريكي في بدايات عام 1854.
إزدهرت أعمال كارتييه بفضل رعاية الأميرة ماتيلد، قريبة الإمبراطور وابنة أخ نابليون الأول. في عام 1859، نقل كارتييه مقره إلى 9 بوليفارد ديه إيتالين، في قلب مدينة باريس النابضة بالموضة. نمّى كارتييه أيضاً صداقة مع مصمّم الأزياء الشهير شارل وورث، وبعد ذلك بفترة تزوّج من أندريه حفيدة وورث. ورغبةً منه في تأسيس تقليد عائلي، علّم لويس فرانسوا كارتييه مهنته لابنه لويس فرانسوا ألفريد (1841-1925) وجعله شريكاً له وسلّمه إدارة العمل في عام 1874. وفي عام 1898، جعل ألفريد ابنه البكر لويس شريكاً له في العمل.
في عام 1899، إتخذ العمل مقراً له في متجر أنيق في 13 رو دو لا بيه، حيث بقي لاحقاً. أخيراً، وجد اسم كارتييه مكاناً يليق بأحلامه وتطلعاته. ومنذ ذلك الحين، نقل ألفريد كارتييه إدارة كارتييه العالمية لأولاده الثلاثة، فتولى لويس جوزيف (1875-1942) مسؤولية باريس، وتسلّم بيير كاميل (1878-1964) بوتيك نيويورك، بينما استقر جاك ثيودول (1884-1941) في لندن. خلال فترة الجيل الثالث من عائلة كارتييه، أصبح كارتييه أعظم صانع مجوهرات في العالم. وقد وصف أمير ويلز، الذي أصبح لاحقاً الملك إدوارد السابع، كارتييه بأنه «صانع مجوهرات الملوك، وملك صناع المجوهرات». ومن أجل حفل تتويجه في عام 1902، تمّت صناعة 27 تاجاً. بعد تتويجه بعامين، كرّم الملك إدوارد السابع شركة كارتييه بأول تفويض من الديوان الملكي البريطاني. وتتابعت التفويضات المماثلة من ملوك إسبانيا والبرتغال وروسيا وسيام واليونان وصربيا وبلجيكا وإيطاليا ورومانيا ومصر وألبانيا، ومن دوقية أورليان وإمارة موناكو. لم يكتف الإخوة كارتييه بأن يقصدهم الزبائن من كافة أنحاء المعمورة طلباً لمجوهراتهم المميّزة، فقاموا بأنفسهم بمغامرات عدة حول العالم. وبناءً على طلب من أخيه لويس، ذهب بيير إلى روسيا بحثاً عن أفضل أنواع المينا والمنحوتات الحيوانية المصنوعة من الصوان، من أجل منافسة بيير كارل فابيرجيه. ومن لندن، سافر جاك إلى الخليج العربي بحثاً عن أجمل اللآلئ وأنقاها. ذهب جاك أيضاً إلى الهند وأقنع عدداً من المهراجات بتحويل جواهرهم الملوّنة إلى قطع مجوهرات فريدة تتمّ صناعتها لدى كارتييه لندن وباريس. في باريس، إزداد زبائن لويس من الأرستقراطيين الروس، ونظم عدداً من الزيارات والمعارض في سانت بطرسبرغ. كما طوّر لويس كارتييه تصميم الإكليل، وهو إحياء لتصاميم لويس السادس عشر، إلى درجة لا توصف من الكمال، وكان ذلك بفضل استخدامه للبلاتين في تقنية ثورية استغرقت حوالي خمسين سنة من البحث والتجربة. لقد كان لويس عبقرياً مبدعاً ورجلاً يتحلى بالذوق الرفيع، ولكنه كان أيضاً يتمتع بعقل تجاري فذّ. ركز لويس جزءاً كبيراً من اهتمامه الفني على اكسسوارات الرفاهية والساعات التي استخدم فيها أحدث التقنيات والابتكارات المعروفة في عصره.
الحدس والابتكار
بدأ لويس كارتييه بمشاركة صانع الساعات العبقري موريس كويت العمل على الساعات الغامضة بالإعتماد على المبدأ الذي طوّره روبرت هودين في حوالي عام 1850. أجمل هذه الساعات كانت ست ساعات أطلق عليها اسم بورتيك (بورتيكو) واثنتا عشرة ساعة حملت اسم (شينواز) الكيميرا. تمثل هذه الساعات لكارتييه ما تمثله بيضات الفصح الإمبراطورية لفابرجيه. نالت ساعات المعصم، التي ظهرت في سجلات كارتييه للمرة الأولى في عام 1888، إستحساناً كبيراً، خاصة عند إطلاق ساعة سانتوس في عام 1911. كان النموذج الأول من ساعة سانتوس هدية إلى الطيار البرازيلي ألبرتو سانتوس دومونت في عام 1904، وكانت هذه الساعة أول ساعة معصم رجالية يصمّمها كارتييه بحزام من الجلد.
وبفضل الإبزيم (البكلة) المنثني الشهير الذي تم تسجيله في عام 1909، تتابعت ساعات كارتييه للمعصم التي صمّمها بالتعاون مع إيدموند جيجر الذي أصبح شريكاً في كارتييه في عام 1907. صمّمت ساعة تانك، التي ظهرت أول رسوم لها في عام 1917، تقديراً لطواقم دبابات الحلفاء في الحرب العالمية الأولى.
بيعت ساعة تانك للمرة الأولى في عام 1919، وسرعان ما أصبحت ساعة كلاسيكية بفضل شكلها المتناغم. بانضمام المصمّمة جان توسان إلى فريق عمل كارتييه، وقد كانت امرأة تتمتع بشخصية قوية وذوق رفيع، إستطاع لويس كارتييه أن يتابع ابتكار مجوهرات تستحق أن يطلق عليها اسم المجوهرات الراقية وربطها بعالم الأزياء الراقية. كانت جان توسان صديقة كوكو شانيل، ومع أنها لم تكن ترسم بنفسها، فإنها لم تكن تسمح بأقل خطأ ينحرف عن الذوق الرفيع والحس الراقي. توفي جاك كارتييه في عام 1941 في داس في فرنسا، وتبعه لويس كارتييه في عام 1942 في نيويورك.