الملك الإنسان:
إن رعاية الملك عبدالله بن عبدالعزيز-حفظه الله- لمواطنيه وحمله هموم شعبه على الدوام, هي من المسؤوليات التي أُنيطت به كملك للبلاد, فكل هذه المسؤوليات تنطلق أيضاً من أبعاد إنسانية تنغرس في شخصية الملك عبدالله-حفظه الله-, وبدأت معه منذ نشأته وشكلت جزءاً مهماً من سيرته وشخصيته. فهو الملك وهو الإنسان وهو الذي ينتهج نهجاً شرعياً ورؤية إنسانية لا تفرق في الشأن الإنساني بين بني آدم, بغض النظر عن أجناسهم وانتماءاتهم أو أشكالهم. وهو المنهج الذي يسير عليه الملك الإنسان ويستمد منطلقاته من الدين الحنيف, ومن منهج النبوة, والخلفاء الراشدين (الضعيف قوي حتى يؤخذ الحق له, والقوي ضعيف حتى يؤخذ الحق منه)
عناية الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- بالبعد الإجتماعي والإنساني إذن إنطلقت من تكوينه الشخصي, فهو يرى نفسه دائماً بين البسطاء من الناس. ولا يعرف الكبر والتعالي إلى قلبه طريقاً, ويتعامل مع الآخرين بكل رحابة صدر. وقد أكسبته تربيته منذ أن كان صغيراً الصفات العربية مثل الشجاعة وقوة الإرادة والنبل وطهارة النفس والإيمان العميق بالقيم المثلى وحب الآخرين. فلم يكن الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله-إلا رجلاً من عامة الشعب يعيش همومهم, ويشاركهم أفراحهم وأتراحهم. وهو الذي قال بنفسه ما أنا إلا مواطن شريك في الهدف والمصير, ورؤية أهلي في كل مناطق المملكة مصدر سعادتي0
تميز الملك عبدالله بن عبدالعزيز-حفظه الله- ببساطته الشديدة وإنسانيته الكبيرة التي جعلته قريباً جداً من شعبه, ويلامس إحتياجاتهم دون تكلف وبعفوية الملك الإنسان. وقد أظهرت العديد من الجولات التي قام بها في أنحاء متفرقة من المملكة, منذ توليه مقاليد السلطة هذه البساطة, فهو يتجول في الأسواق ويأكل في المطاعم العامة وسط الناس, دون حواجز ويصافح الجميع بحرارة أبوية. وخلالها كان يُقابـَل الملك الإنسان من مرتادي تلك المراكز والأسواق, بالهتاف والتصفيق الحار ترحيباً به, وكان يبادلهم التحية بمثلها وكان يطرح الأسئلة على أصحاب المحلات التجارية, عن الأسعار ومدى مناسبتها لمرتادي المراكز والأسواق0
كما كان الملك الإنسان ينحني في أبوية ليقبل الأطفال, ويسأل عن أحوال المواطنين. كما كان يتوقف خلال جولاته عند هذا المطعم أو ذاك, أوعند بائع الخبز أو عند بائع التمور. ورأينا الملك الإنسان يجلس على أحد طاولات المطاعم لتناول وجبة مما يبيعه المطعم للناس وذلك في بساطة متناهية.
ومن ملامح شخصية الملك الإنسان إنه أوقف موكبه الملكي عندما كان ولياً للعهد ليستمع إلى شكوى تجار الخضار والفواكه في جدة, ضد بعض الإدارات الحكومية حيث ترجل من سيارته, واطلع على فحوى الشكوى, ووعدهم بحلها بنفسه. كما شهدت جولات الملك الإنسان الخارجية جانباً من ملامح شخصيتة, وقربه من الناس, وإنسانية مع الآخرين حتى من غير المسلمين. فقد كان الملك عبدالله-حفظه الله- في زياراته الخارجية كثيراً ما يخرج عن البروتوكولات المحددة للزيارات فقط- ليكون قريباً من الناس. وفي إحدى المرات فاجأ الملك عبدالله -حفظه الله- وبعد إنتهاء مباحثاته مع الرئيس الأمريكي جورج بوش رواد أحد المقاهي الواقعة على الطريق المؤدي إلى مزرعة الرئيس بوش, في كراوفورد بزيارة غير مرتبة, أشاعت جواً من الأنس والبهجة في أوساط رواد المقهى من الأمريكيين, حيث تناول معهم القهوة وبعض الوجبات الخفيفة, كما كان يصافح المارة في الشوارع دون حواجز. وقد رأى الخبراء والمحللون بعد هذه الزيارة إن شخصية الملك عبدالله-حفظه الله- وتواضعه الفطري وإنسانيته البعيدة, أعطت انطباعاً وصورة رائعة عن الإنسان العربي المسلم, كانت تحتاج لأجهزة إعلامية ولجهود وتكاليف مادية باهظة لتغيير الصورة النمطية عن العالم العربي وعن المسلمين خاصة, بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر, فقد شاهد الأمريكيون الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله-خلال زيارته للولايات المتحدة, وهو يسير في الأسواق ويتجول فيها, ويتبضع منها, ويأكل في المطاعم الأمريكية الصغيرة.

الملك عبدالله
والمشروعات التنموية:
شكلت زيارات الملك عبدالله لمناطق المملكة منذ أن كان ولياً للعهد وبعد أن بايعه الشعب السعودي ملكاً على البلاد مثالاً حياً لروح المواطنة الصادقة, والتحام المليك بشعبه وقربه منه, وفي هذه الزيارات والجولات كان الملك عبدالله-حفظه الله- يُدشن العديد من المشروعات التنموية والخدمية التي تصب في مصلحة المواطن, وتحمل عن كاهله الكثير من الأعباء المعيشية. وكان الملك عبدالله دائم التوجيه للمسؤولين بجعل المواطن وخدمته في مقدمة اهتماماتهم, ويؤكد القريبون من الملك عبدالله في مجال العمل حرصه الشديد على أدق الأمور والمهام التي تتعلق بالمواطن. وتظهر لغة الخطابات الصادرة من الملك الإنسان, والموجهة إلى الوزراء والمسؤولين في الدولة, والتي نُشر عدد منها عبر وسائل الإعلام تظهر وتكشف عن حرص العاهل السعودي الدائم على متابعة كل ما يهم ويلامس مصلحة الوطن والمواطن, بما تحتويه هذه التوجيهات دائماً من تذكير بالله والخوف منه وتقواه, وتقدير عظم المسؤولية لكل مسؤول. هذه المسؤولية التي يتحملها الملك الإنسان, وهذا الحرص على مصلحة شعبه أكدتها كلماته الأولى عند توليه المسؤولية بعد وفاة الملك فهد (رحمه الله) بقوله:
إنني إذ أتولى المسؤولية بعد الراحل العزيز أشعر إن الحمل ثقيل, وإن الأمانة عظيمة أستمد العون من الله عز وجل, وأسأل الله سبحانه أن يمنحني القوة على مواصلة السير على النهج الذي سنه مؤسس المملكة العربية السعودية العظيمة جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود - طيب الله ثراه –, وإتبعه من بعده أبناؤه الكرام -رحمهم الله- وأعاهدكم أن أتخذ القرآن دستوراً, والإسلام منهجاً, وأن يكون شغلي الشاغل إحقاق الحق وإرساء العدل, وخدمة المواطنين كافة بلا تفرقة.
ونظراً للإنجازات التي حققها الملك عبدالله بن عبدالعزيز-حفظه الله- في كل المجالات وبالأخص المجال الإجتماعي ورعاية المواطنين وخدمتهم, أُختير الملك عبدالله بن عبدالعزيز-حفظه الله- الشخصية الخليجية الأولى لعام (2005م), وفق الإستطلاع الذي أجرته صحيفة البيان الإماراتية. كما اختارت صحيفة بولندية الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله-رجل الإنسانية تقديراً لمبادراته الإنسانية والاجتماعية على المستوى العربي والإسلامي والعالمي, ومعلوم إن ملك الإنسانية وجه بإجراء العديد من عمليات فصل التوائم بمستشفى الملك فهد بالحرس الوطني, وذلك على نفقته الخاصة وبلغ عدد هذه العمليات حتى الآن عشر عمليات, تمت بنجاح لفصل توائم من السودان ومصر والسعودية وبولندا والفلبين وماليزيا, وكان لهذه العمليات أصداء عالمية عدة إستحق الملك عبدالله بن عبدالعزيز-حفظه الله- أن يحمل بعدها لقب ملك الإنسانية وأن تلقب بلاده بـمملكة الإنسانية.
وقد تبنى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز-حفظه الله- إستراتيجية وطنية وبرنامجاً شاملاً للإصلاح الإقتصادي, هدفه زيادة رفاهية المواطن, ورفع مستوى معيشته, وتوفير الحياة الكريمة له في وطنه.
وكان الجانب الأهم في هذا البرنامج الإصلاحي الذي يتبناه الملك عبدالله-حفظه الله-, هو ارتباطه بالمواطن السعودي بشكل مباشر, حيث يجد الدارس والمتابع والقريب من صانع السياسة الأول في المملكة, إنه عند إقتراح أي قرار إقتصادي يكون سؤال الملك عبدالله-حفظه الله-, عن مدى تأثير هذا القرار المقترح المباشر على المواطن. فهو يعطي اهتماماً خاصاً
لتأثير أي قرار على المواطن محدود الدخل, ويبدو ذلك جلياً في إصراره على إتاحة الاكتتابات الجديدة في الشركات للمواطنين, وتفضيل صغار المستثمرين منهم. ودعمه اللا محدود لمشاريع الإسكان الخيرية,وتبنيه للصندوق الوطني للإدخار والإستثمار وبنك الإنماء, وكذلك إهتمامه العظيم بسوق الأسهم وما حدث فيه من تطورات وانسجاماً مع هذه الإستراتيجية لتحسين مستوى معيشة المواطن السعودي, فإن الملك عبدالله-حفظه الله- قد أنشأ وترأس وأعطى وقته وإهتمامه للمجلس الإقتصادي, مما جعله يؤدي الدور الذي توخاه له من تبني والمسارعة في اتخاذ الخطوات اللازمة للإصلاح الإقتصادي. ومن أمثلة ذلك تبنيه لمشاريع النفط والغاز والتعدين والبتروكيماويات, ومشاريع البنية التحتية من ماء وكهرباء وطرق تتجاوز الإستثمارات القائمة, والقادمة فيها أرقام هائلة.

وكذلك إتخاذ جملة من القرارات التي تصب جميعها في صالح الإنسان السعودي, تدريباً وتأهيلاً ورفاهية وتنمية شاملة. ومن ذلك:
- زيادة إيرادات الدولة, وتخصيص قدر كبير للمشروعات الإقتصادية العملاقة التي تعود بالنفع على الوطن والمواطن.
- تخصيص مبالغ هائلة من الموازنات العامة لتشييد المساكن ودعم الصندوق العقاري والصناديق الإستثمارية السعودية المختلفة.
- زيادة رواتب العاملين في الدولة من مدنيين وعسكريين بنسبة 15%, وكانت الزيادة هي الأولى من25 عاماً.
- طرح عدد من المشاريع الإستثمارية أمام المواطنين ومن ذلك:
• مدينة الملك عبدالله الإقتصادية التي تعد أكبر مدينة إقتصادية متكاملة في الشرق الأوسط, وتضاهي أكبر المدن الإقتصادية في العالم, وسوف توفر 500 ألف فرصة عمل للشباب السعودي, مما سيكون له دور بارز في محاربة البطالة.
• إنشاء مصرف جديد يسمى مصرف الإنماء برأسمال قدره (15) مليار ريال يساهم فيه المواطنون باكتتاب عام نسبته 70%.
• إنشاء صندوق إستثماري لذوي الدخل المحدود من المواطنين, حيث يتاح للمواطنين الذين يرغبون في إستثمار أموال لاتتجاوز (500) ألف ريال.
• إنشاء كل من مدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد الاقتصادية في حائل, ومدينة المعرفة في المدينة المنورة.
• قيام الملك عبدالله-حفظه الله- بتدشين المرحلة الأولى من الجبيل (2) بتكلفة إجمالية تزيد على (82) مليار ريال, وتمثل المدينة أكبر مركز لجذب الإستثمارات ومشاريع البنية الأساسية.
- الأمر الملكي بتخفيض أسعار الوقود 30%, ولهذا الأمر أثر كبير في دعم المشاريع في المجال الصناعي والزراعي.
- وتأتي موافقة الملك عبدالله -حفظه الله-على إنشاء مركز مالي في مدينة الرياض باسم مركز الملك عبدالله المالي, وهو المشروع المزمع إنشاؤه قريباً إضافة خير ونماء إلى الإقتصاد الوطني. وسوف يعمل المركز على إستقطاب الإستثمارات المختلفة, وتوفير الفرص الوظيفية للقوى العاملة الوطنية.
كذلك كانت مبادرة خادم الحرمين الشريفين-حفظه الله- بالانضمام إلى منظمة التجارة العالمية, ودخول المملكة عضواً في هذه المنظمة, وكذلك توسيع السوق الإقتصادية مما جعل الإقتصاد السعودي محل إستقطاب دول العالم الكبرى, وهذا ما ظهر جلياً من زيارات الملك عبدالله إلى دول كثيرة منها الصين والهند وماليزيا وباكستان.
وتأكيداً لسياسة الإصلاح الإقتصادي والإجتماعي التي يقودها الملك عبدالله-حفظه الله- من أجل رفاهية شعبه, زار الملك عبدالله-حفظه الله- مناطق المملكة ومنها جولاته خلال عام 1427هـ, حيث تفقد أحوال المواطنين واطمأن على سير المشروعات التنموية فيها, وافتتح ووضع حجر الأساس لعدد من المشروعات التنموية التي تخدم الوطن والمواطن, وجسدت هذه المشروعات الصناعية والإنشائية والتعليمية الكبرى التي تم تدشينها خلال الزيارات الملكية, حرص الملك عبدالله-حفظه الله- على العلاج الحقيقي لمشكلة الفقر, علاجاً غير تقليدياً وإيجاد فرص العمل لمواطنيه والنهوض بمستوى معيشتهم.