رعاية ضيوف الرحمن
وفر الملك عبد العزيز-طيب الله ثراه- أفضل الخدمات لضــيوف الرحمن والأماكن المقــــدسة, إذ بادر بوضع نظام للحجاج وأشرف بنفســـه على تنفيذه ليضمن لهم أكبر قدر من الراحــة والأمن والطمأنينة وحفظ أرواحهم وأمـــوالهم، كما إتخذ من التدابير ما يمنع إستغلالهم وفرض تعريفات بأجور عادية لنقـــلهم بين الأماكن المقدسة، وعمل على توفير مــياه الشرب والأغذية وكل مستلزمات الحـــياة ووسائل الراحة لهم، وإهتم بنشر العلم والثقــافة على أسس إسلامية راسخة، وحارب الجـــهل بين الحضر والبادية, فساند حركات الوعـــظ والإرشاد والتعليم في المساجد والكتاتيب وغيرها.
علاقات وروابط
ولم تقتصر جهود الدولة في عهد الملك عبد العزيزطيب الله ثراه- على البناء الداخلي بل سعت إلى توثيق العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة، فكانت سياسة المملكة الخارجية مبنية على وضوح الهدف والثبات على المبدأ ومناصرة الحق, إنطلاقاً من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي قامت عليه أركان هذه الدولة, وهو القاعدة التي إنطلقت منها نهضتها وأمنها ورخاؤها.
فقد حرص الملك عبد العزيز طيب الله ثراه- على مد جسور التعاون والتقارب وتعزيز الروابط مع الأشقاء العرب, وسعى إلى توحيد صفوفهم وجمع كلمتهم ولم شملهم وحل خلافاتهم بالتشاور فيما بينهم, والإتفاق على الأهداف الأساسية التي تضمن لهم تحرير أراضيهم, وصيانة حقوقهم ومكتسباتهم.
إقامة شرع الله :
لقد كان الهدف الأسمى للملك عبد العزيز-طيب الله ثراه- خلال جهاده الطويل هو إقامة شريعة الله من منابعها الصافية كما وردت في القرآن الكريم, والسنة النبوية الشريفة, وتراث السلف الصالح، ولقد حقق الملك عبد العزيز هذا الهدف وجعله أساساً قامت عليه دولته الفتية منذ أيامها الأولى, وإلى يومنا هذا، وفي تراثه الفكري من الخطابات والأحاديث ما يعبر عن ذلك أصدق تعبير، ومن ذلك قوله يرحمه الله:
إني أعتمد في جميع أعمالي على الله وحده لا شريك له، أعتمد عليه في السر والعلانية، والظـــاهر والباطن، وأن الله مسهل طريقنا لإعتمادنا عليه ، وأني أجاهد لإعلاء كلمة التوحية والحرص عليها.
الأمن الشامل :
قبل عهد الملك عبد العزيز-طيب الله ثراه- كانت الحالة الأمنية في شبه الجزيرة العربية في أوضاع يرثى لها من التسيب والإنفلات، وكانت طرق الحج بشكل خاص, تعج باللصوص وقُطاع الطرق الذين كانوا يهاجمون قوافل الحجاج ويسلبونها ويعتدون عليها، وكان الحج في تلك الأيام مغامرة لا يدري الحاج معها ما إذا كان سيعود من حجه سـالماً أم لا، ولقد عجزت الدولة العثمانية عن تأمين سلامة الحجاج لدرجة إضطرت معها إلى تسيير قوات عسكرية مع قوافل الحجاج، ومع هذا فقد كانت هذه القوات نفسها تتعرض للإعتداء، وعمدت الدولة العثمانية إلى أسلوب آخر لحماية الحجاج وهو دفع إتاوات, من النقود الذهبية لقُطاع الطرق لكي يتركوا قوافل الحجاج تمر بسلام، ومع هذا كانت تقع تلك الإعتداءات.وجاء الملك عبد العزيز-طيب الله ثراه-وأعلن تطبيق شريعة الله، وهي شريعة الأمن والأمان للمجتمع الإسلامي، وبهذا التطبيق قضى على عصابات اللصوص وقُطاع الطرق، وإجتُثت شرورهم من جذورها، ونشر الأمن الشامل في جميع الربوع التي تتألف منها مملكته, وصار هذا الأمن مضرب الأمثال في بلاد العالم الأخرى0
التضامن الإسلامي :
من منطلق ما أمر الله تعالى به عباده المسلمين من الإخاء والتضامن، كان الملك عبد العزيز-طيب الله ثراه- أول حاكم مسلم يدعو إلى هذا التضامن ويضعه موضع التطبيق، وكان أول مؤتمر إسلامي عام في تاريخ الإسلام, هو الذي دعا إليه الملك عبد العزيز عام 1345هـ, وحضرته وفود من الدول الإسلامية، وكان هذا المؤتمر أول مناسبة جمعت ممثلي المسلمين في بعض الأقطار الإسلامية0
ويمكن القول إن السياسة التي رسمها الملك عبد العزيز وصارت إحدى السمات المميزة لثوابت السياسة السعودية, هي العمل على وحدة كلمة المسلمين والتضامن فيما بينهم, ومواجهة أعدائهم صفاً واحداً والتعاون والتكافل، وفي هذا قال -يرحمه الله-:
إن أحب الأمور إلينا أن يجمع الله كلمة المسلمين، فيؤلف بين قلوبهم، ثم بعد ذلك أن يجمع كلمة العرب، فيوحد غاياتهم ومقاصدهم ليسيروا في طريق واحد يوردهم موارد الخير.
|