قطاع الصناعة
استراتيجيات تنافسية و تعزيز دور الصناعات التحويلية
نظراً للأهمية الإستراتيجية للقطاع الصناعي كونه ركيزة قوية لتحقيق الإزدهار الإقتصادي, و تعزيز القدرات التنافسية لأي دولة فى العالم تنشد الرفعة والتقدم الإقتصادي, فقد أولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله- جل إهتمامه بهذا القطاع.
حيث يتوقع مع تدشين الإستراتيجية الوطنية للصناعة بالمملكة, تسجيل القطاع لنمو سنوي يقدر ب (10 %) مع توقعات بتخطى حاجز الإستثمارات في ذلك القطاع لنحو 300 مليار ريال, و يجدر بالذكر إن أهم أولويات و أهداف تلك الإستراتيجية, هو مضاعفة عوائد القطاع الصناعي ليتصدر المرتبة الثانية بعد القطاع النفطي, فضلا عن تحقيق الأهداف التالية :
1. رفع طاقة الإقتصاد الوطني الإنتاجية بحيث يتمكن من إنتاج مجموعة متنوعة من السلع، وبتكاليف تساعده على المنافسة في الأسواق المحلية والخارجية
2. الإستفادة من المزايا الكبيرة التي تتيحها الأسعار المنخفضة للطاقة, والكميات الوفيرة من المواد الخام الناتجة من البترول ومشتقاتة الصناعية, والثروات الزراعية والمعدنية والسمكية, وإستغلال هذه المزايا والموارد لتنويع القاعدة الصناعية.
3. توسيع وتعميق صلات المملكة بالتكنولوجيا العالمية الحديثة
4. تشجيع الإستفادة من كامل طاقات القطاع الخاص في الصناعات التحويلية.
5. تحقيق تنمية صناعية إقليمية متوازنة.
6. رفع إنتاجية القطاع الصناعي بتشجيع قيام المصانع ذات الطاقات الإنتاجية المثلي.
7. تقليل إعتماد الصناعة على العمال غير السعوديين، وذلك من خلال تطوير المهارات الوطنية, بتنمية إمكانيات التعليم الفني والعام، والأخذ بأسلوب التدريب على رأس العمل
8. زيادة نسبة التعاون والتكامل بين مختلف الصناعات القائمة.
يتضح مما سبق إن أهم أهداف التطوير و الإرتقاء بدور وأليات قطاع الصناعات التحويلية بالمملكة, يرتبط بتعزيز مساهمته في تنويع القاعدة الإقتصادية, عبر تبني منظومة من الخطط و الإجراءات, وبالأخص من خلال الإستفادة من التقدم التقنى العالمي.
إذ أن حكومة المملكة إرتئت إن أي خطط تطويرية لن تكون بمعزل عن أهمية مجاراة التقدم المتسارع على الصعيد التقني, فضلاً عن ذلك فقد إنصبت تلك الأهداف على أهمية مراعاة توطين العمالة المواطنة, وتعزيز مهاراتها وقدارتها التدريبية, وهو ما ترافق مع العديد من الإجراءات التشجيعية والتسهيلات المادية والتشريعية التى قدمتها الحكومة, بغية تشجيع سياسات جذب الإستثمارات الأجنبية والوطنية وتوجيهها شطر القطاع الصناعي, وذلك من خلال الإعفاءات الضريبية وتسهيل إستقدام العمالة وإستيراد المكائن و معدات الإنتاج.
جدير بالذكر إن قطاع الصناعات التحويلية يعتبر أهم القطاعات إستقطاباً للعمالة, وبرؤية تحليلية سريعة للإحصائيات المتضمنة في ثنايا التقرير الذي أصدرته وزارة الصناعة والتجارة بالمملكة, فإن إجمالي العمالة بالمصانع المنتجة بالمملكة بلغت حتى نهاية العام 1427 هـ نحو 395609 عامل, و قد تركزت النسبة الأكبر من العمالة في المدن الكبري و بالأخص في الرياض بنحو 144761 عامل, ثم تلتها مكة المكرمة بنحو 108642 ثم المنطقة الشرقية بنحو 102118 فيما كان نصيب بعض المناطق الأخري كحائل وتبوك والجوف متدني لإعتبارات التركز التاريخي للأنشطة الإقتصادية والتجارية في المدن الكبرى.
بلغ إجمالي التراخيص التى أصدرتها الهيئة العامة للإستثمار بالمملكة خلال العام 1427هـ, 288 ترخيص للعديد من المشروعات الصناعية, و في كافة الأنشطة و قد تصدرت الرياض أولى مدن المملكة بإستحواذها على 174 ترخيص لمشروع جديد, تلتها مكة المكرمة بحصولها على 59 ترخيص, ثم المدينة المنورة, كما بلغ عدد المصانع المنتجة بالمملكة نحو (3906 مصنعاً
بنهاية العام 1427 هـ, توزعت على مختلف الأنشطة الصناعية وبالاخص الصناعات الكيماوية والمنتجات البلاستيكية, والتى إستحوذت على نصيب الأسد حيث بلغ عدد المصانع 895 مصنعاً, تلتها صناعة مواد البناء والخزف, ثم الصناعات المعدنية الأساسية بنحو (618) مصنعاً لكل منهما, ثم جاءت في المركز الثالث الصناعات الغذائية و المشروبات بإجمالي (615) مصنعاً وذلك نتيجة لتفوق و ريادة الصناعات الغذائية السعودية, وتمتعها بميزة تنافسية على صعيد أسواق المنطقة وإزدهار القطاع الزراعي بالمملكة أهم مقومات تلك الصناعة, كما جاء نشاط المنتجات المعدنية المصنعة و المكائن و المعدات بنحو 463 مصنعا ً.
إن رؤية تحليلية سريعة لتركيبة الأنشطة الصناعية, قياساً على عدد المصانع والطاقات الإنتاجية, تؤكد على نجاح خطي المملكة في تقرير دور الصناعات الكيماوية, فضلا ًعلى الصناعات التحويلية الأخري, وبالنظر أيضاً للإمكانيات الهائلة التى يتم توجيهها للقطاع الصناعي والتسهيلات الممنوحة وإنتاج مخرجات صناعية ذات جودة عالية, هو الأمر الذي يؤكد على إن المملكة بدأت ترسخ مكانتها على صعيد التحول لدولة صناعية متقدمة, وبالأخص إن صادرات المملكة تتوجه لنحو 90 دولة في العالم حاملة شعار (صنع فى السعودية).
مع تركز الشريحة الأكبر من الأنشطة الصناعية فضلاً عن النسبة الأكبر من العمالة فى المدن الكبري بالمملكة, فإن الجهود المبذولة والإستراتيجية التى تبنتها الهيئة العامة للإستثمار, وسيتم تطبيقها في المرحلة المقبلة على صعيد تطوير البنية الإسثتمارية الصناعية في العديد من المدن المستهدف تنميتها, ومن خلال منظومة من التشريعات وقنوات الدعم المادي للمستثمرين للتوجه بمشروعاتهم إلي تلك المناطق ستساهم فى القضاء على أي إختلالات علىصعيد التوزيع الجغرافي للأنشطة الصناعية في مختلف مناطق المملكة, فضلاً عن خلق فرص عمل مجدية لأبناء تلك المناطق.
يعتبر الإغراق الأفة التى تهدد الصناعة الوطنية لأى دولة وتعيق قدرتها على المنافسة, من خلال السعي لبيع منتجات دولة ما في الدولة المستهدفة بالإغراق بأسعار أقل من الدولة المصنعة, بهدف تدمير المنتجات الوطنية المحلية فى الدولة الأخري و هو الأمر الذي إستعدت له المملكة بالتصدى لتلك الظاهرة حفاظا على مسيرة الصناعة الوطنية وريادتها عبر أجهزتها المختصة, (ممثلة في وزارة التجارة والجهات المعنية الأخرى ذات العلاقة بسن التشريع الوطني لحماية التجارة وحماية الصناعات الوطنية من الصناعات الأجنبية, التي تهدف إلى إيقاع الضرر المادي بالمنتجات الوطنية المماثلة, وذلك في ضوء الإتفاق الخاص بمكافحة الإغراق بين أعضاء منظمة التجارة العالمية, وفقا لأحكام المادة السادسة من الإتفاقية العامة للتعريفات والتجارة 1994م (الجات). حيث صدرت الموافقة السامية على تشكيل لجنة دائمة لمكافحة الإغراق برئاسة وزارة التجارة وعضوية كل من (وزارة الصناعة والكهرباء، ووزارة المالية والاقتصاد الوطني، ووزارة البترول والثروة المعدنية، ووزارة الزراعة والمياه، والهيئة العامة للإستثمار، ومجلس الغرف التجارية الصناعية), وقد صدر الأمر السامي الكريم بالموافقة على تشكيل هذه اللجنة, و التى قامت بدورها بالنظر فى القضايا الموضوعة أمامها, والسعى لإنصاف الصناعات الوطنية المستهدفة بالإغراق من الشركات في الدول الأخرى, أو حتى بمساعدة الشركات المحلية المتضررة من القضايا المقامة ضدها من الصناعات الأجنبية, وإتخاذ التدابير القانونية لمواجهة هذه الإدعاءات ضدها بإغراق الأسواق الأجنبية. و لقد كان لدور تلك اللجنة و فى ظل التوجيهات السامية بالغ الأثر في الحد من مخاطر الإغراق, وتأمين مسيرة الأزدهار للصناعات الوطنية بالأسواق الخارجية.
|